تتمة شرح قصيدة عروة بن الورد (الجزء الثاني)
ينقل الشاعر صوت زوجته المحمل بأحاسيس الخوف والقلق وهي
تحاوره وتجادله ليقتنع بالكفِّ عن غزواته، وتحاول أن توصل له الألم النفسي الذي
تعانيه من خوفها على زوجها، وتتمنى أن يشعر بها، وتحاول بكلّ الوسائل أن تشرح له
مدى الخطر الذي يرمي نفسه به في تلك الغزوات، فذكرت له أنّه أشبه بمن يركب ناقةً
مقطوعةَ الحلمات حتى لا ترضع الصغار فتقوى وتشتد، وهي ناقة تلد الذكور، فذلك أبشع
ما يكون عند العرب، فلا يستقر على ظهرها إنسان، فهي موضع انزلاق وسقوط، وقد استخدم
العرب هذه الناقة كرمز للهلاك والسقوط، وذلك في الأبيات الآتية :
تقول: لك الويلات هل أنت تــارك ضبوء برجل تارة وبمنســــــــــــر
ومستثبت في مالك العام إننـــــــي أراك على أقتاد صرماء مذكـــــــر
فجوع بها للصالحين مزلـــــــــــة مخوف رداها أن تصيبك فاحــــذر
وفي الأبيات الموالية، يبيِّن الشاعر لزوجته أسبابًا أخرى
تمنَعُه أن يعيش في دَعةٍ وراحة وبُعْد عن المخاطر، ومنها رؤيته للمحتاجين من
الأقارب وهم يغشون دارَه، وللنساء الفقيرات اللواتي يمتهن نفسَهن في خدمة الآخرين،
وتصطلين النار في ليل الشتاء القارص، دون أن تمتلكن قفَّازين يحميانِ معاصمهن من
السواد، وتدفعهن الحاجة دفعًا لذلِّ السؤال، أوضعيف محتاج يجمعهما جدٌّ واحد يأتيه
فيطلب عطاءه، فلا يستطيع له ردًّا، وهو موقف الضعف الذي لا يحبذ أن يقفه أمام هؤلاء.
ومن ثم فعليها بعد ذلك أن تلزم حياءها وتتحلى بالصبر.
أبى الخفض من يغشاك من ذي
قرابة ومن
كل سوداء المعاصم تعتـري
ومستهنئ زيد أبوه فــــــــــــــلا
أرى له مدفعا، فاقني حياءك واصبري
تعليقات
إرسال تعليق