المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2020

شرح قصيدة ذريني ونفسي للشاعر عروة بن الورد (الجزء الثالث)

  وفي المقطع الموالي يستخدم الشاعر وسيلةً أخرى لإقناع زوجته سلمى، عبر تصوير مشاهدَ لصعلوك فقيرٍ خامل قرَّر أن يعيش عالةً على غيره،  حيث يبدأ الشاعرُ في الحديث عن ذلك الصعلوك بلعنه، ليُعلِن أننا أمام إنسانٍ ذي صفات مذمومة، فهو إذا دخل عليه الليلُ تراه في فمه العظام، وقد ألِف الأماكنَ التي تذبح فيها الإبل والأغنام، في انتظار ما يجود به الآخرون من لحمها وعظامها، والغنى عنده أن يعطيه صديقه الغني ما يُشبِع به بطنه، وهو لا يشعر بفقراء قومه، فهو قلما يطلب المال إلا لنفسه، وفي الضحى تراه راقدًا كالخَيمة المنهارة، أما عشاء، فهو ينام ليُصبِح وقد شبِع نومًا كما شبع أكلًا، وتراه يفرك الحصى الذي التصق بثيابه المتعفِّرة من نومه الطويل على الأرض، وإذا رأيته يعين أحدًا فإنه يعين نساء الحي إذا طلبن منه العون؛ حيث الرجال في مهامِّهم في الصباح، أو حين ينام الصعاليك الذي يعودون بعد الغزو، فيأتي الضحى وقد أنهك وضعف وصار كالبعير المتعب .   لحى الله صعلوكا إذا جن ليلـه            مضى في المشاش آلفا كل مجـزر يعد الغنى من دهره كل ليلـــ...

تتمة شرح قصيدة عروة بن الورد (الجزء الثاني)

  ينقل الشاعر صوت زوجته المحمل بأحاسيس الخوف والقلق وهي تحاوره وتجادله ليقتنع بالكفِّ عن غزواته، وتحاول أن توصل له الألم النفسي الذي تعانيه من خوفها على زوجها، وتتمنى أن يشعر بها، وتحاول بكلّ الوسائل أن تشرح له مدى الخطر الذي يرمي نفسه به في تلك الغزوات، فذكرت له أنّه أشبه بمن يركب ناقةً مقطوعةَ الحلمات حتى لا ترضع الصغار فتقوى وتشتد، وهي ناقة تلد الذكور، فذلك أبشع ما يكون عند العرب، فلا يستقر على ظهرها إنسان، فهي موضع انزلاق وسقوط، وقد استخدم العرب هذه الناقة كرمز للهلاك والسقوط، وذلك في الأبيات الآتية :         تقول: لك الويلات هل أنت تــارك            ضبوء برجل تارة وبمنســــــــــــر         ومستثبت في مالك العام إننـــــــي            أراك على أقتاد صرماء مذكـــــــر         فجوع بها للصالحين مزلـــــــــــة             مخوف رداها أن تصيبك فاحــــذر وفي الأبيات الموالية، ي...

ذريني ونفسي شرح قصيدة للشاعر عروة بن الورد (الجزء الأول)

صورة
شرح القصيدة: تعرض هذه القصيدة حورًا دار بين الشاعر عروة وزوجه سَلمى عندما لامته لأنّه يُعرِّض نفسه للموت في تلك الغزوات التي يقوم بها من أجل إطعام الفقراء، فجاء هذا الحوار بينهما ليبين وجهة نظر كلٍّ منهما في الأمر، فيبدأ عروة الحوار بأمره زوجته بأن تنام هادئةَ البال، وتخفف من لومها له، فنفسه التي تخاف عليها الهلاك هي من تحثُّه على غزواته، فهو يريد أن يكون له ذكرٌ وشأنٌ قبل أن يموت، فذلك ما يبقى للإنسان بعد فناء جسده، وكأنه بدأ يتخيل الموت في إحدى غزواته فيخرج من رأسه -كما تقول الأساطير العربيّة- طير يصيح: اسقوني اسقوني، ويشتكي ظمأه لمن يعرف ومن لا يعرف من الناس، ويتابع ألا مناص من تضحية الإنسان بنفسه، ليخلد ذكره بعد موته، وهو ما قاله في هذه الأبيات الشعرية:              أقلي علي اللوم يا ابنة منـــــذر              ونامي، فإن لم تشتهي النوم فاسهري              ذريني ونفسي أم حسان إننــي              بها قبل أ...