شرح قصيدة ذريني ونفسي للشاعر عروة بن الورد (الجزء الثالث)
وفي المقطع الموالي يستخدم الشاعر وسيلةً أخرى لإقناع زوجته سلمى، عبر تصوير مشاهدَ لصعلوك فقيرٍ خامل قرَّر أن يعيش عالةً على غيره، حيث يبدأ الشاعرُ في الحديث عن ذلك الصعلوك بلعنه، ليُعلِن أننا أمام إنسانٍ ذي صفات مذمومة، فهو إذا دخل عليه الليلُ تراه في فمه العظام، وقد ألِف الأماكنَ التي تذبح فيها الإبل والأغنام، في انتظار ما يجود به الآخرون من لحمها وعظامها، والغنى عنده أن يعطيه صديقه الغني ما يُشبِع به بطنه، وهو لا يشعر بفقراء قومه، فهو قلما يطلب المال إلا لنفسه، وفي الضحى تراه راقدًا كالخَيمة المنهارة، أما عشاء، فهو ينام ليُصبِح وقد شبِع نومًا كما شبع أكلًا، وتراه يفرك الحصى الذي التصق بثيابه المتعفِّرة من نومه الطويل على الأرض، وإذا رأيته يعين أحدًا فإنه يعين نساء الحي إذا طلبن منه العون؛ حيث الرجال في مهامِّهم في الصباح، أو حين ينام الصعاليك الذي يعودون بعد الغزو، فيأتي الضحى وقد أنهك وضعف وصار كالبعير المتعب . لحى الله صعلوكا إذا جن ليلـه مضى في المشاش آلفا كل مجـزر يعد الغنى من دهره كل ليلـــ...